من نتيجة الإطلاق ، أو من نتيجة التّقييد ، فإنّ الملاك الّذي اقتضى تشريع الحكم ، إمّا أن يكون محفوظا في كلتي حالتي الجهل والعلم ، فلا بدّ من نتيجة الإطلاق ، وإمّا أن يكون محفوظا في حالة العلم فقط ، فلا بدّ من نتيجة التّقييد ، وحيث لم يمكن أن يكون الجعل الأوّلي متكفّلا لبيان ذلك ، فلا بدّ من جعل آخر يستفاد منه نتيجة الإطلاق أو التّقييد ، وهو المصطلح عليه بمتمّم الجعل ، فاستكشاف كلّ من نتيجة الإطلاق والتّقييد يكون من دليل آخر» (١).
وقد قرّر شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره تلك المقالة ، ثمّ أجاب عنه بما هو الصّحيح عندنا ، فلنذكر أوّلا ما أفاده قدسسره في التّقرير ـ لانّ ذكره لا يخلو عن فائدة ـ وثانيا ما أفاده في الجواب عنه. أمّا التّقرير ، فقال «إنّ التّقييد وإن كان محالا للزوم الدّور فيستحيل الإطلاق ، لكن هذا إذا كان إنشاء الحكم وجعله بخطاب واحد وجعل فارد كأن يقال : إذا علمت بوجوب شيء يجب عليك ذلك الشّيء ، وأمّا إذا كان ذلك بخطابين : أحدهما : لجعل اصل الحكم ؛ وثانيهما : لتتميمه وتكميله ، فلا يلزم محال ، فللشّارع المقنّن أن يقول : تجب صلاة الجمعة ـ مثلا ـ وهذا خطاب أوّل جاء لتشريع أصل الوجوب وإبراز الإرادة الحتميّة بالنّسبة إلى صلاة الجمعة ، ثمّ يقول بعد ذلك : الحكم مختصّ بالعالم فقط ، وهذا خطاب ثان متمّم للأوّل ، المعبّر عنه به «متمّم الجعل» ينتج نتيجة التّقييد بلا لزوم دور ، أو يقول : الحكم الملقى بالخطاب الأوّل مشترك بين العالم والجاهل ، فينتج نتيجة الإطلاق ، كما قرّر ذلك في مثل قصد القربة. وعليه ، فلا إهمال ثبوتا حتى يقال : بعدم معقوليّة ولا تقييد ـ أيضا ـ كى يقال : باستلزامه للدّور ،
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ١١ و ١٢.