الملامة ، مثل البخل والحسد وغيرهما من الأوصاف المذمومة ، والمحرّمات الجنانيّة الّتي لا يترتّب عليها عقوبة المعصية مع بقاء الفعل المتجرّى به على ما هو عليه من المحبوبيّة والمصلحة.
فتحصّل : أنّ الفعل المتجرّى به باق على ما كان عليه ، ولا يصير قبيحا ومبغوضا بالتّجرّي بعد أن كان حسنا ومحبوبا بذاته. نعم ، لو قلنا : بالقبح والمبغوضيّة ، فليس فيه محذور اجتماع الضّدّين من ناحية اجتماع الحسن والقبح أو الحبّ والبغض. والوجه فيه ، ما حرّر في الأوامر والنّواهي من أنّ مصبّ الأحكام ومتعلّق التّكاليف هو العنوان لا الخارج ، والعنوان هنا مختلف ، فشرب الماء أو الخلّ ـ مثلا ـ بما هو شرب الماء أو الخلّ حلال مباح ، وبما هو أنّه تجرّ وهتك ، قبيح مبغوض ، فلا اجتماع للضّدّين في البين.
ولقد أجاد شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره فيما أفاده هنا ، حيث قال : «قد تقرّر في محلّه ، أنّ البعث ومباديه ، وكذا الزّجر ، لا يمكن أنّ يتوجّه إلى الخارج ؛ إذ هو ظرف سقوطه ، بل يقف على العنوان. وعليه : فإن كان العنوانان ممتازين في صقع تقرّرهما ومرحلة ذاتهما بحيث لا يكون بينهما جهة اشتراك ، كالصّلاة والتّجرّي ـ مثلا ـ فلا مانع من أن يكون أحدهما : حسنا محبوبا مصبّا للمصلحة ؛ والآخر : قبيحا مبغوضا مصبّا للمفسدة ، وكذا لا مانع من أن يكون أحدهما : مبعوثا إليه ؛ والآخر : مزجورا عنه وإن تصادقا على مورد واحد ؛ وذلك ، لعدم سراية تلك الامور إلى الخارج حتّى يلزم اجتماع المتقابلات». (١)
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.