الفعليّ واستحقاق العقوبة ، إنّما هو عنوان الطّغيان المنطبق على الإقدام على ما اعتقد كونه مبغوضا للمولى ومعصية له ، الأعمّ من المصادف وغيره» (١).
وحاصل كلامه قدسسره : هو أنّ تمام الموضوع في التّقبيح والتّعذيب هي الجهة المشتركة بين العصيان والتّجرّي وهي عنوان الهتك أو الطّغيان أو الجرأة أو العزم على العصيان أو نحوها ، لا الجهة المميّزة وهي مخالفة المولى في صورة المصادفة وتحقّق المعصية ، كما صرّح قدسسره بذلك في موضع آخر من كلامه قدسسره فقال : «إنّ التّقبيح والعقوبة إنّما يكونان على عنوان التّمرّد والطّغيان وإبراز الجرأة على المولى الّذي هو جامع بين التّجرّي والعصيان ، لا على خصوص عنوان التّجرّي أو العصيان» (٢).
وقد عرفت ما فيه من الإشكال على ما قال به الإمام الرّاحل قدسسره من أنّه : «لا إشكال في حكم العقل بقبح مخالفة أمر المولى ونهيه مع الاختيار ، والعقلاء مطبقون على صحّة المؤاخذة على مخالفة المولى بترك ما أمره وارتكاب ما نهي عنه. ولا ريب : أنّ تمام الموضوع في التّقبيح هو المخالفة فقط من غير نظر إلى عناوين آخر كهتكه ... كما أنّها تمام الموضوع ـ أيضا ـ عند العقلاء ...» (٣).
وبالجملة : لا دخل ولا موضوعيّة لمثل الهتك ، أو الخروج عن رسم العبوديّة أو العزم على العصيان أو نحوها ، في استحقاق العقوبة ، بل الهتك ليس من لوازم التّجرّي والمعصية ؛ وأمّا العزم على العصيان فهو من الأفعال الجنانيّة الموجبة لاستحقاق الملامة والمذمّة ، لا المؤاخذة والعقوبة المترتّبة على المعصية ، وقد أشرنا
__________________
(١) نهاية الأفكار : ج ٣ ، ص ٣١.
(٢) نهاية الأفكار : ج ٣ ، ص ٣٥.
(٣) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٨٩ و ٩٠.