الأمر أو النّهي يكون من ناحية الشّرع ، متعلّقا بالصّلاة أو بشرب الخمر. (١)
هذا هي الأقوال في المسألة ، والصّواب هو القول الثّالث ، كما يظهر ذلك من المحقّق الخراساني قدسسره (٢) وباقي الأقوال مردود.
أمّا القول الأوّل : فلأنّ الحجّيّة تكون ثابتة للقطع ولو في زمن لم يكن فيه إلّا واحد من البشر ، فلا يعتبر فيها وجود العقلاء فضلا عن قرارهم وبناءهم وتطابق أنظارهم وآراءهم حفظا للنّظام وإبقاء للنّوع ؛ على أنّ القطع قد يتعلّق بامور غير دخيلة في النّظام وبقاء النّوع ، ككثير من الأحكام الشّرعيّة المتعلّقة بامور عباديّة لا نظاميّة ، كالقصاص والحدود والدّيات ، ولا ماليّة ، كالخمس والزّكاة.
وأمّا القول الثّاني : فلأنّ العقل مطلقا لا شأن له إلّا الإدراك فقط ، نظريّا كان أو عمليّا ، فلا حكم له وليس هو بآمر وناه أو باعث وزاجر ، ثمّ إنّه قد انقدح ممّا اخترناه من القول الثّالث ، أنّ حجّيّة القطع لا تكون بجعل جاعل ، كطريقته وإن كانت من آثار وجوده ، فالقطع واجب الحجّيّة ، ممتنع اللّاحجيّة ، وما عن الإمام الرّاحل قدسسره من قوله : «إنّ آثار الوجود مطلقا مجعولة» (٣) وقوله : «وأمّا الوجود فلم يكن في بقعة الإمكان شيء منه غير معلّل» وقوله : «بل لازم الوجود أي الّذي من سنخ الوجود مطلقا مجعول معلّل» (٤) ممنوع بما ورد عن القوم من أنّ «الذّاتي لا يعلّل» فإنّ
__________________
(١) وبالجملة : إنّ القضايا العقليّة ، كالقضايا العقلائيّة ، من المشهورات باصطلاح الميزان الّتي تطابقت عليها آراء العقلاء وتسالموا عليها حفظا للنّظام وإبقاء للنّوع ، فكما لا حكم ولا بعث ولا زجر في القضايا العقلائيّة ، كذلك لا حكم ولا إلزام من العقل في القضايا العقليّة.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٨.
(٣) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٨٥.
(٤) أنوار الهداية : ج ١ ، ص ٧٤ و ٧٥.