على الله جلّ جلاله بغير علم وتشريعا محرّما عند الاصوليّ ، كذلك القول بوجوب الاحتياط في الشّبهات بلا حجّة وعلم ، فهو ـ أيضا ـ يكون قولا بغير علم وتشريعا محرّما عند الأخباريّ ، وإنّما الخلاف بينهما في الصّغرى ، بأنّ القول بغير علم ، هل يصدق على القول بالبراءة في الشّبهات البدويّة والحكم بالتّرخيص والإباحة فيها أو يصدق على القول بوجوب الاحتياط في تلك الشّبهات؟ فيدّعي الاصوليّ عدم صدق ذلك على القول بالبراءة ، بل يدّعي صدقه على القول بالاحتياط ؛ وفي قباله الأخباريّ ، فإنّه يدّعي عكس ذلك.
وبالجملة : كلّ واحد من الفريقين (الأخباريّ والاصوليّ) جاهل بالواقع ، فيكون قوله بالنّسبة إليه قولا بغير علم ، وأمّا بالإضافة إلى مرحلة الظّاهر فكلّ يدّعي العلم ، حيث إنّ القول بالتّرخيص والسّعة وكذا القول بالاحتياط وعدم السّعة قول بالعلم والحجّة ، فلا يكون صغرى لكبرى حرمة القول بغير علم.
ونتيجة ذلك كلّه ، هو أنّ الآية أجنبيّة عن دلالتها على وجوب الاحتياط ؛ إذ المسألة صغرويّة لا كبرويّة.
أمّا الطّائفة الثّانية ، فلأنّ كبرى حرمة الإلقاء إلى التّهلكة مسلّمة لا خلاف فيها بين الفريقين ـ أيضا ـ وهذا ممّا لا كلام فيه ، إنّما الكلام في أنّ موارد الشّبهات البدويّة الّتي يدّعي الاصوليّ البراءة فيها ، هل تكون من موارد التّهلكة كي تصير صغرى لتلك الكبرى ، أم أنّها أجنبيّة عن مواردها؟
والإنصاف ، أنّها أجنبيّة عنها ؛ وذلك لما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره فقال ، ما حاصله : إنّ مورد الآية ـ حسب مقتضى سياقها ـ يحتمل أن يكون هو الإنفاق