السّابق أو الرّخصة كذلك ، كان هو الصّغير وهو حال الشّكّ لم يكن باقيا ؛ إذ المفروض أنّ المكلّف في هذا الحال كبير بالغ ، وهما موضوعان متغايران عرفا ، وليست براءة ذمّة أحدهما أو رخصته المشكوكة ، بقاء براءة ذمّة الآخر أو رخصته المتيقّنة حتّى يلزم نقض اليقين بالشّكّ لو لم يجر الاستصحاب وجرت البراءة. (١)
ولا يخفى : أنّ هذا الإشكال من الشّيخ الأنصاري قدسسره وارد. والوجه فيه : هو أنّ العنوان المأخوذ في موضوع الحكم إذا كان من حالات الموضوع ، كقولنا : «أكرم هذا الجالس» يجري الاستصحاب عند تبدّل الحالات ، كأن يكون الجالس «قائما» في مثال المتقدّم ، فيحكم بإكرام القائم ـ أيضا ـ عند الشّكّ فيه بالاستصحاب ، وأمّا إذا كان من مقوّماته بحيث ينتفي الموضوع بانتفاء العنوان ، كعنوان «العادل» لجواز الاقتداء ، وكعنوان «الفقيه» لجواز التّقليد ، فلا يجري الاستصحاب عند تبدّل العنوان بأن يكون العادل فاسقا ، أو الفقيه جاهلا في المثال المتقدّم ؛ إذ الفاسق والجاهل موضوعان آخران ، وإثبات حكم العادل والفقيه لهما يكون من قبيل إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر ؛ وكذا لا يجري الاستصحاب فيما إذا شكّ في كون العنوان من المقوّمات أو من الحالات ، كالتّغيّر ، المأخوذ في نجاسة الماء إذا زال بنفسه ؛ إذ لو كان «مقوّما» لم يجر الاستصحاب ولا يكون عدم جريانه من باب نقض اليقين بالشّكّ ، لكون الموضوع حينئذ هو الماء المتغيّر ، والمفروض زوال تغيّره ، فلم يبق الموضوع بتمامه ، وأمّا لو كان «حالا» فيجري الاستصحاب ويكون عدم جريانه نقضا لليقين بالشّكّ ؛ إذ الموضوع وهو الماء باق ، وحيث يكون الأمر مشكوكا من حيث
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ٦٠ و ٦١.