بالوظيفة نتيجة المسائل الأصولية ، ناسب البحث عنه في الاصول استطرادا ، وباعتبار أنّ مرجع البحث عن حجّيّة القطع إلى صحّة العقاب على مخالفته ، يكون شبيها بالمسائل الكلاميّة الباحثة عن المبدا والمعاد وما يصحّ عنه تعالى وما لا يصحّ.
وفيه : أنّه ليس البحث في مبحث القطع عن نفس القطع بالوظيفة حتّى يقال : حيث إنّه نفس النّتيجة ، فيصير البحث عنه بحثا عن النّتيجة ، لا عن المسألة الاصوليّة المنتجة لها ، بل البحث هنا إنّما هو في حجّيّة القطع ، كالبحث عن حجّيّة خبر الثّقة وظاهر الكتاب والسّنّة وغيرها من سائر الأمارات.
غاية الأمر : حجّيّة القطع ذاتيّة ، أو حكم عقليّ ثابت له عند العقلاء ، مستغن عن الجعل ، بخلاف حجّيّة سائر الطّرق والأمارات ، فإنّها محتاجة إلى الجعل ، على ما سيأتي.
وعليه : فمسألة القطع ـ أيضا ـ كمسألة الظّنّ داخلة في المسائل الاصوليّة.
وأمّا الأشبهيّة بمسائل الكلام ـ كما عن المحقّق الخراساني قدسسره ـ أو الشّباهة ، كما عن بعض الأعاظم قدسسره ، فإنّما تصحّ ، بناء على تعريف علم الكلام ، بأنّه يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله ، وأحوال الممكنات من حيث المبدا والمعاد على قانون الإسلام (١) ، والوجه فيه ما عن الإمام الرّاحل قدسسره (٢) من أنّه يدخل فيه مباحث الحسن والقبح وأمثالهما ، أو ما أشار إليه بعض الأعاظم قدسسره (٣) من أنّ البحث عن حجيّة القطع ، مرجعه إلى صحّة العقاب على مخالفته ، فيشبه إذا بالمسائل
__________________
(١) راجع ، تعريفات الجرجاني : ص ٢٣٧.
(٢) راجع ، أنوار الهداية : ج ١ ، ص ٣٣.
(٣) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٥.