عرفت : من عدم الدّليل على اعتباره وعدم الاعتماد على الإجماع والرّجوع إلى الإطلاق اللّفظيّ أو المقامي ، أو البراءة عند الشّكّ. كما أنّ دعوى مانعيّة اعتبار قصد التّمييز مردودة بما مرّ في الصّورة الثّانية.
هذا تمام الكلام فيما إذا لم يستلزم الاحتياط تكرار العمل ؛ وأمّا إذا استلزم ذلك ، كما إذا دار الأمر بين القصر والإتمام ، فهل يجوز الاحتياط ، أم لا؟ والحقّ جوازه وعدم الإشكال فيه ، أيضا.
والقول بلزوم اللّعبيّة بأمر المولى هنا فلا يصدق الامتثال ، مندفع بما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره (١) من منع لزوم اللّعب إذا كان التّكرار لداع عقلائيّ ، كما هو كذلك فيما إذا كان تحصيل العلم التّفصيليّ ، أشقّ من الاحتياط ، أو مساويا معه ؛ ومنع كون الاحتياط ـ لو سلّم لزوم اللّعب ـ لعبا بأمر المولى كي يكون قادحا ، بل يكون لعبا بكيفيّة الإطاعة والامتثال بعد حصول الدّاعي إليها وهذا غير قادح ، كالصّلاة على سطح المنارة ، أو على أمكنة غير معروفة ، فتجزى وتصحّ وإن كان لاعبا في الضّمائم.
فتحصّل : أنّ كفاية الامتثال الإجماليّ مع فرض التّمكن من الامتثال التّفصيليّ ممّا لا مانع منه في جميع تلك الصّور المذكورة حتّى فيما إذا استلزم الاحتياط تكرار العمل.
هذا ، ولكن قد أورد على الاحتياط والامتثال الإجماليّ في العبادات بتقدّم الامتثال التّفصيليّ عليه عقلا ، وقد قرّره المحقّق النّائيني قدسسره بأنّ للامتثال والإطاعة مراتب أربعة مترتّبة طوليّة بحكم العقل والفطرة :
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٤٠.