فصل : في الاستثناء المتعقب بالجمل
إذا كان عام وبعده استثناء مثل قول القائل أكرم العلماء وأضفهم وأطعمهم الا الفساق منهم أو مثل أكرم العلماء وأطعم الفقراء وأضف الشعراء الا الفساق منهم ومثل قوله تعالى (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا الا الذين تابوا) فهل الاستثناء يرجع إلى الجميع فلا يجب إكرام الفاسق منهم وكذلك الإطعام والضيافة أم يختص استثناء الفاسق بالجملة الأخيرة أو يفصل بين ما كان عقد الوضع فيه مكررا كالمثال الثاني والآية فلا يرجع الا إلى الأخير واما ما كان عقد الوضع فيه غير مكرر فيرجع إلى العقد الوضع الأول أي الجملة الأولى ومنه إلى سائر ما عطف عليه وجوه وأقوال :
وقد اختار شيخنا الأستاذ النائيني قده التفصيل مستدلا بأنه لا شبهة ولا ريب في ان الاستثناء يرجع إلى عقد الوضع فإذا كان مكررا في الكلام فيأخذ الاستثناء محله في الجملة الأولى ولا يكون له مقام آخر لأنه أخذ مطلوبه كما في الآية فان قوله تعالى فاجلدوهم ثمانين جلدة عقد وضع وقوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا عقد وضع آخر فيكون الاستثناء عن الجملة الأخيرة فقط فمن تاب يقبل شهادته.
والجواب عنه قده هو ان الاستثناء على نحوين وصفي وإخراجي فما يرجع إلى عقد الوضع هو الوصفي فقط واما في الإخراجي فيكون مرجعه الحكم فان قلنا معنى أكرم العلماء الا الفساق منهم يرجع إلى ان العالم الغير الفاسق يجب إكرامه حتى يكون لفظة إلّا بمعنى غير فيكون المناط عقد الوضع واما على فرض كونه إخراجا عن الحكم فلا يرجع إليه والمقام يكون الاستثناء عن الجملة وهي مركبة من موضوع ومحمول ونسبة بينهما سلمنا رجوعه إلى الموضوع فأي فرق بين قولنا أكرم العلماء وأضفهم وأطعمهم وقولنا أكرم العلماء وأضف العلماء وأطعم العلماء حتى يقول بأنه لم يتكرر عقد الوضع في الأول وتكرر في الثاني فهل يكون فرق بين الضمير الراجع