أن في «لم» إشارة إلى المستقبل والماضي ، وقدم اللام على الميم إشارة إلى أن «لا» هي أصل النفي ، ولهذا ينفى بها في أثناء الكلام فيقال : لم يفعل زيد ولا عمرو. وأما «لما» فتركيب بعد تركيب كأنه قال : لم وما ، لوكيد معنى النفي في الماضي. وتفيد الاستقبال أيضا ولهذا تفيد «لما» الاستمرار.
ونفى العام يدل على نفى الخاص ، وثبوته لا يدل على ثبوته ، وثبوت الخاص يدل على ثبوت العام ، ونفيه لا يدل على نفيه ، ولا شك أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به ، فلذلك كان نفى العام أحسن من نفى الخاص ، وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام.
فالأول كقوله :فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْلم يقل بضوئهم بعد قوله أضاءت ، لأن النور أعم من الضوء ، إذ يقال على القليل والكثير ، وإنما يقال الضوء على النور الكثير ولذلك قال :هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراًففي الضوء دلالة على النور فهو أخص منه ، فعدمه يوجب عدم الضوء بخلاف العكس ، والقصد إزالة النور عنهم أصلا ولذا قال عقبه :وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ.
والثاني كقوله :وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُولم يقل طولهن ، لأن العرض أخص ، إذ كل ما له عرض فله طول ولا ينعكس.
ونظير هذه القاعدة أن نفى المبالغة في الفعل لا يستلزم نفى أصل الفعل.
والعرب إذا جاءت بين الكلامين بجحدين كان الكلام إخبارا نحو :وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَوالمعنى : إنما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام.
وإذا كان الجحد في أول الكلام كان جحدا حقيقيّا نحو : ما زيد يخارج.
وإذا كان في أول الكلام جحدان كان أحدهما زائدا ، وعليه :فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ.
ومن أقسام الإنشاء :
الاستفهام ، وهو طلب الفهم ، وهو بمعنى الاستخبار.