فإن لم يحتمل الصدق والكذب سمى تنبيها وإنشاء ، لأنك نبهت به عن مقصودك وأنشأته : أي ابتكرته من غير أن يكون موجودا في الخارج ، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمنى والترجى والنداء والقسم ، أم لا ، وإن احتملهما من حيث هو فهو خبر.
والقصد بالخبر إفادة المخاطب ، وقد يرد بمعنى الأمر نحو :وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ.
وبمعنى النهى نحو :لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.
وبمعنى الدعاء نحو :وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُأي أعنا.
ومن أقسام الخبر : النفي ، بل هو شطر الكلام كله.
والفرق بينه وبين الجحد : أن النافي إن كان صادقا سمى كلامه نفيا ، ولا يسمى جحدا ، وإن كان كاذبا سمى جحدا ونفيا أيضا.
فكل جحد نفى وليس كل نفى جحدا.
مثال النفي :ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ.
ومثال الجحد نفى فرعون وقومه آيات موسى ، قال تعالى :فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ.
وأدوات النفي : لا ، ولات ، وما ، وإن ، ولم ، ولما.
وأصل أدوات النفي «لا وما» لأن النفي إما في الماضي وإما في المستقبل ، والاستقبال أكثر من الماضي أبدا «ولا» أخفّ من «ما» فوضعوا الأخف للأكثر.
ثم إن النفي في الماضي إما أن يكون نفيا واحدا مستمرا ، أو نفيا فيه أحكام متعددة ، وكذلك النفي في المستقبل ، فصار النفي على أربعة أقسام ، واختاروا له أربع كلمات : «ما ، ولم ، ولن ، ولا». وأما «إن» ، «لما» فليسا بأصلين ، فما ولا ، في الماضي والمستقبل متقابلان ، ولم ، كأنه مأخوذ من : لا وما ، لأن «لم» نفى للاستقبال لفظا والمضي معنى ، فأخذ اللام من «لا» التي هي لنفى المستقبل ، والميم من «ما» التي هي لنفى الماضي ، وجمع بينهما إشارة إلى