وعدم الارادة والكراهة فى مورده مطلقا أخطأ او اصاب يندفع المحاذير كلها ومما ذكرنا ظهر لك ان الفرق بين الحكم الحقيقى والطريقى هو ان الاول معه ارادة وكراهة والثانى لا ارادة ولا كراهة معه ولكن.
فيما يمكن هناك انقداحهما حيث انّه مع المصلحة او المفسدة الملزمتين فى فعل وان لم يحدث بسببها ارادة او كراهة فى المبدا الأعلى الّا انّه اذا اوحى بالحكم الشّأني من قبل تلك المصلحة او المفسدة الى النبى أو ألهم به الولى فلا محالة ينقدح فى نفسه الشريفة بسببها الارادة او الكراهة الموجبة للانشاء بعثا او زجرا.
حاصله ان الفرق بين الحكم الحقيقى والطريقى بالنحو الذى ذكرنا وان الاول معه إرادة او كراهة والثانى لا ارادة معه ولا كراهة ليس بالاضافة الى المبدا الأعلى جل جلاله بل بالنسبة الى النبى او الولى وإلّا فلا فرق بين الحكمين بالاضافة الى المبدا الاعلى فى عدم انقداح ارادة او كراهة فانه جل جلاله ليس محلا للحوادث كالارادة والكراهة ونحوهما بل تكون الارادة والكراهة فيه تبارك وتعالى بمعنى العلم بالمصلحة وبالمفسدة والعلم عين ذاته.
والحاصل ان الفرق بين الحكمين بالارادة والكراهة انما هو فيما يمكن انقداحهما فى مثل النبى (ص) او الولى (ع) فان الحكم الحقيقى يقترن بالارادة فى نفس النبى والولى الموظف لتبليغ الاحكام او انشائها وذلك بخلاف الحكم الطريقى بالمعنى الذى ذكرناه فلا إرادة ولا كراهة لمتعلق الحكم الطريقى فى نفوسهما ايضا كما لا تكون فى المبدا الاعلى واليه اشار بقوله