كنت بنيته من مال الله ، فإنك من الخائنين. وإن كنت بنيته من مالك فإنك من المسرفين.
وكان الثوري يقول : ما أنفقت درهما قط في بناء.
وبلغ عمر أن رجلا من عمّاله يقال [١٠٤ ب] له هارون جصّص بيته. فكتب إليه : إلى هارون بن أم هارون وبيته المجصّص.
وبنى ابن مسعود [بيتا] ، فقال له عمّار : بنيت شديدا وتأمل بعيدا وتموت قريبا.
وبنى رجل بناء عاليا فقال له بعض الزهاد : نزلت حيث رحل الناس وأنشد :
أبعد عاد ترجّون الخلود وهل |
|
يبقى على الدهر بيت اسّه المدر |
إلى الفراق وإن طالت سلامتهم |
|
يصير كل بني ام وإن كثروا |
وبنى رجل دارا فقال للحسن البصري : كيف ترى هذا البناء؟ قال : أما أهل الأرض فغرّوك ، وأما أهل السماء فمقتوك.
وقال الحسن لرجل بنى بنيانا عاليا : عمدت إلى رزق الله فجعلته في رأس قصر جبار.
وقال المدائني : لما بنى عبيد الله بن زياد البيضاء بالبصرة أمر وكلاءه أن لا يمنعوا أحدا دخولها وأن يحفظوا كلاما إن تكلم به إنسان. فدخلها أعرابي ـ وكان فيها تصاوير ـ فتأمّلها ثم قال : لا ينتفع بها صاحبها ، ولا يلبث فيها إلّا قليلا. فأتي به ابن زياد وأخبر بمقالته. فقال له : لم قلت هذا؟ قال : لأني رأيت أسدا كالحا وكلبا نابحا وكبشا ناطحا. فكان الأمر على ما قال. لم يسكنها إلّا يسيرا حتى أخرجه أهل البصرة إلى الشام ولم يعد إليها.
وفي خبر آخر : أنه لما بنى البيضاء أمر أصحابه أن يسمعوا ما يقول الناس. فجاؤوه برجل فقيل له : إنه قرأ ـ وهو ينظر إليها ـ : «(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ
__________________
من شدة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (انظر مثلا ابن الأثير ٣ : ١١٣ ـ ١١٥).