مسكن أو مال أو بنين أو تكاثر أو تعاضد ، أو شيء من أصناف الجاه ، ك : رئاسة أو تقدم أو شهرة أو راحة ، فإنّ ذلك جميعا أمور إعتبارية وعناوين وهمية غير خارجية ، أو أمور خارجية ارتباطها بالإنسان ارتباط اعتباري كالمال والبنين.
وهذا هو اللعب يلعب به الصبيان ونواقص العقول من الناس غير أنّ اللعب وسائر الأمور الوهمية لا تقوم بذاتها إلّا بأمور خارجية وأفعال وأشياء عينيّة ، هي الأسباب العامّة المستقلة في تأثيرها النافعة أو الضارة ، الجالبة أو الدافعة ، وهذا إذعان بأنّها مالكة لتأثيرها ، وقادرة على أحكامها وآثارها.
وبالجملة ؛ فهو إعطاء ربوبيّة وملك لها ، وغفلة عمّا هو الحق والحقيقة من اختصاص الربوبيّة بالله سبحانه ، من غير شريك في الملك ووليّ من الذلّ ، وهذا هو اللهو يلهو به الإنسان عن ربّه ويغفل به عن العكوف على بابه ومشاهدة ما عنده.
قال سبحانه : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ) (١).
وقال سبحانه : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (٢).
وإذ كان هذا حقيقة هذه الحياة ومآلها إلى الفناء ، ومرجعها إلى البطلان ، ولا مناص للإنسان عن الرجوع إلى ربّه والحياة عنده ، تعيّن له أن يسير في ساحة الحياة على ما يهديه ربّه ويجتنب بالتقوى عن غير ذلك ، ويتأدّب بأدب الله ، ليرتسم له في باطن هذه الحياة حياة يعيش بها يوم اللقاء ، دون ما يؤدّيه إلى دار البوار وقرار الهلاك.
__________________
(١). النور (٢٤) : ٣٩.
(٢). الفرقان (٢٥) : ٢٣.