كالنتيجة لما سبقه من البيان ، تحقق أنّ اليوم يوم لقائه ، ولذا عبّر عن يوم القيامة باللقاء ، ثم عبّر عنه بالساعة لذلك ولما سيذكر من كونه بغتة وهو الفجأة وهو يناسب الساعة.
قوله : (يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها)
في المجمع : عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ في الآية قال : «يرى أهل النار منازلهم من الجنة فيقولون (يا حَسْرَتَنا)» (١).
أقول : ظاهره رجوع الضمير إلى الساعة من حيث كونها لقاء وحياة آخرة ، وأمّا ارجاع الضمير إلى الحياة الدنيا فهو على بعده لا يلائم قوله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) ، إذ الحسرة لا تناسب ما لا حقيقة له إلّا اللعب واللهو.
قوله : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ)
وهو أحسن القول وأوجزه في بيان حقيقة الحياة الدنيا ، واللعب : هو العمل الذي لا غاية له إلّا الخيال ، فلا يكتسب به إلّا صورة ذهنية من غير نتيجة خارجية.
واللهو : ما يشغلك عمّا يهمّك ، والحياة الدنيا وهي مجموع ما يناله الإنسان الدنيا بتحوّلاته وتقلباته الإرادية ، أمور يتعلق بها أو بعدمها الإرادة الإنسانية ، والإرادة لا تتعلق إلّا بمعلوم حاصل قبلها ، يقصد ترتّبه على الإرادة والفعل ترتّب الغاية على ذي الغاية ، وجميع هذه المقاصد والمطالب أمور اعتبارية وهميّة ، غير متحققّة الحقيقة في العين أو منتهية إليها بالأخرة. يتّضح لك ذلك إذا تتبعت أصناف مقاصد الإنسان ، من مأكل أو مشرب أو منكح أو ملبس أو
__________________
(١). مجمع البيان ٤ : ٤٠.