لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١) ، وبهذا البيان يتبين أنّ ذنبهم لم يكن ذنبا سائقا إلى العذاب كما مرّ في سورة البقرة.
وأمّا قوم موسى في قولهم : (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٢) ، فإنّهم لمّا لم يكونوا مأمونين من العذاب والنقمة ، كان همّهم متعلقا بمغفرة ذنبهم ومعصيتهم في عبادة العجل ، وقد ذكروا الرحمة مقدّمة عليها إستشفاعا بها في طلب المغفرة ، فافهم ذلك.
ومن هنا يظهر أنّ المراد بالرحمة في قوله : (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣) هي الرحمة الخاصة لكونه مسبوقا باسم الغفور ، والرحمة المسبوقة بالمغفرة الرحمة الخاصة ، وقد تكرّر في إسمي (الغفور الرحيم) بتقديم (الغفور) على (الرحيم) ولم يعكس الأمر في مورد واحد منها.
وتبيّن أيضا وجه ما ورد من الروايات في تفسير البسملة : أنّ الرحمن رحمن الدنيا ، والرحيم رحيم الآخرة ، وأنّ الرحمن رحمن بجميع عباده ، والرحيم رحيم بالمؤمنين خاصّة ، وقد سبقت هذه الروايات في تفسير فاتحة الكتاب ، فارجع.
قوله سبحانه : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ)
الفاء يوصل الكلام بدعوة موسى فهو إجابة لمسألته ، وقد قال موسى ـ عليهالسلام ـ : (وَارْحَمْنا) ، فأطلق الكلام ، فأجابه الله سبحانه بقوله : (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ
__________________
(١). الأعراف (٧) : ٢٣.
(٢). الأعراف (٧) : ١٤٩.
(٣). الأعراف (٧) : ١٥٣.