لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون (١) ، فجعل رضاهم رضا نفسه (٢) ، وسخطهم سخط نفسه (٣). وذلك لأنّه جعلهم الدعاة إليه والأدلّاء عليه ، فلذلك صاروا كذلك ، وليس أنّ ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه ولكن هذا معنى ما قال من ذلك ، وقال أيضا : من أهان لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها ، وقال أيضا : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٤) ، وقال أيضا : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) (٥) ، وكل ذلك وشبهه على ما ذكرت لك.
وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء ممّا يشاكل ذلك ، ولو كان يصل إلى المكّون الأسف والضجر ـ وهو الذي أحدثهما وأنشأهما ـ ، لكان (٦) لقائل أن يقول : إنّ المكوّن يبيد يوما [ما] لأنه إذا دخله الضجر والغضب ، دخله التغيّر ، وإذا دخله التغيّر لم يؤمن عليه الإبادة ، ولو كان ذلك كذلك لم يعرف المكوّن من المكوّن ، ولا القادر من المقدور ، ولا الخالق من المخلوق ، ـ تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا ـ ، وهو الخالق للأشياء لا لحاجة ، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه ، فافهم ذلك إن شاء الله (٧).
وقد مرّ نظير الحديث عن الباقر ـ عليهالسلام ـ في قوله تعالى : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٨).
__________________
(١). في المصدر : «مدبّرون»
(٢). في المصدر : «لنفسه رضىّ»
(٣). في المصدر : «لنفسه سخطا»
(٤). النساء (٤) : ٨٠.
(٥). الفتح (٤٨) : ١٠.
(٦). في المصدر : «لجاز»
(٧). التوحيد : ١٦٨ ـ ١٦٩ ، الحديث : ٢.
(٨). البقرة (٢) : ٥٧.