فهذا ما يكرم الله سبحانه به أوليائه حين يتولّى أمرهم.
فهذا إجمال معنى ولاية الله عزّ إسمه لعباده.
ثم أقول : وأمّا ولايتهم لله سبحانه فقد عرفت أنّ هذه الولاية متأخر عن ولاية الله ، إذ تقدم أنّ ولاية المطيع بعد ولاية المطاع ومترتّبة عليها ، وحينئذ فيترتب على كلّ واحد من ولايتي الله سبحانه ، ولاية من العبد تقابلها ، وربما سمّيت بالنسبة إلى الحقائق ، وفي موردها بالخلافة وفي غيرها ، وهي باب الشرائع والهدايات بالإمامة.
فأوّل الولايتين : الولاية في أمر الله من الحقائق ، وأنت تعلم بالتأمّل فيما مرّ أنّها ترجع إلى الوساطة في وصول الرحمة العامة الإلهيّة ، ويستفاد بمزاياها من قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (١) ، من سورة البقرة ، وقد مرّ بعض ما يتعلق بها هناك ، وقد بيّن سبحانه ذلك ببيان آخر إذ قال سبحانه : (وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (٢) وقال : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٣) ، وقال : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٤) ، فبيّن بذلك أنّهم عنده ، ثم جعلهم وجهه الباقي ، ثم وصفهم بأوصاف نفسه وأجرى عليهم أسمائه ـ تقدست أسماؤه ـ ، وقال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٥) ، وقال سبحانه : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ
__________________
(١). البقرة (٢) : ٣٠.
(٢). النحل (١٦) : ٩٦.
(٣). القصص (٢٨) : ٨٨.
(٤). الرحمن (٥٥) : ٢٧.
(٥). البقرة (٢) : ١١٥.