وهم ، بل البشر إنّما يأخذه العيّ والكلال في أفعاله التي مبدؤها القوى الجسمانية كالتسبيح باللسان ونحوه.
وأمّا غيرها فهو يذكر نفسه دائما ويشهد نفسه دائما ولا يكلّ ولا يسأم ، فهذا يشهد أنّ ذكرهم لله في مقام من نفوسهم لا ينسى وموطن لا يعفى ، ولا يكون إلّا بأن يوقنوا بفقر نفوسهم ومملوكيتها لله يقينا لا يزول ولا ينمحي.
وقد عرفت في قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) (١) من سورة الفاتحة أنّ العلم بهذا الملك لا يفارق العلم بالمالك ، بل العلم علم بالمالك ويتعلق بالملك بتبعه ، فذكرهم لأنفسهم دائما ذكر منهم له سبحانه ولأنفسهم بذكره.
ولذلك قال سبحانه : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٢) فبدء بالملك ثمّ عقّبه بقوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ) (٣).
وفي المصباح عن علي ـ عليهالسلام ـ في دعاء كميل قال ـ عليهالسلام ـ : أن تجعل أوقاتي في الليل والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة ، وأعمالى عندك مقبولة ، حتى تكون أعمالى وأورادي كلّها وردا واحدا ، وحالى في خدمتك سرمدا ، ـ إلى أن قال ـ : وهب لي الجدّ في خشيتك ، والدوام في الإتّصال بخدمتك (٤).
وفي الإقبال عن علي ـ عليهالسلام ـ في مناجاته أيام شعبان ، قال عليهالسلام :
__________________
(١). الفاتحة (١) : ٥.
(٢). الأنبياء (٢١) : ١٩ ـ ٢٠.
(٣). الأنبياء (٢١) : ١٩.
(٤). المصباح للكفعمي : ٥٥٩ ؛ مصباح المتهجد : ٨٤٩.