لما كان يحكم حكما
واقعيّا بالوحي ، فقوله تعالى : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ
النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) ، جعل حجّيّة لما حكم به بنحو الموضوعيّة دون الطريقيّة
على ما اصطلح عليه في الاصول ، فما حكم به هو حكم الله الواقعيّ في القضيّة ، وهذا
هو المراد بالتفويض إلى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ الواقع في الأخبار.
ففي الكافي عن
الصادق ـ عليهالسلام ـ : «والله ما فوّض الله إلى أحد من الناس من خلقه إلّا
إلى رسول الله وإلى الأئمّة ، قال الله عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْنا
إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) وهي جارية في الأوصياء» .
وفي الاحتجاج عنه
ـ عليهالسلام ـ أنّه قال لأبي حنيفة : «وتزعم أنّك صاحب رأي ، وكان
الرأي من رسول الله صوابا ومن دونه خطأ ؛ لأنّ الله قال : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ
النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) ولم يقل ذلك لغيره» .
أقول : يعني ـ عليهالسلام ـ بالتفويض ما ذكرناه من جعل الحجّيّة في القضاء والحكم ،
وهو ثابت في النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ بالآية ، وفي الأوصياء من أهل بيته ـ عليهمالسلام ـ بجعله ـ صلىاللهعليهوآله ـ كما يدلّ عليه حديث الثقلين وغيره. وفي مورد رسول الله ـ
صلىاللهعليهوآله ـ خاصّة قسم آخر من التفويض لا يشاركه غيره ، وهو تشريع
الحكم يدلّ عليه الآيات نحو قوله : (وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ، وغيرها.
قوله سبحانه : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ)
في تفسيري
العيّاشي والقمّي والكافي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : يعني
__________________