أقول : وهنا بعض روايات (١) يقرب منها ، والجميع من الجري.
قوله سبحانه : (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ)
جعل حكمه ـ صلىاللهعليهوآله ـ وهو القضاء غاية لإنزال الكتاب بالحقّ ، ومقتضى سياق الكلام تفهيمه تعالى لرسوله ما أنزله إليه وهو الحقّ ، كما مرّ نظيره في قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) (٢) ، في أوّل سورة آل عمران ، فيفيد أنّه سبحانه علّمه أحكامه تعليما لا يشوبه جهل ولا خطأ.
وقوله : (بِما أَراكَ اللهُ) الذي يعطيه السياق أنّه ما أراه الله من ظاهر امور الناس وتطبيقه بما عنده من كبريات الأحكام ، ومن الثابت قطعا أنّه ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان يحكم بالظاهر ، وقد قال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان ، وبعضكم ألحن بحجّته من بعض ، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنّما قطعت له قطعة من النار» رواه في الكافي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ عن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ (٣). فالإراءة من الرأي ، وهو إنّما يتعلّق بظاهر الامور دون باطنها ، وكأنّه لذلك لم يقل لتحكم بين الناس بالحقّ ؛ إذ مدلوله الحكم الواقعي والقضاء الحقيقي ، قال تعالى : (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) (٤) و (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) (٥) ، ولم ينسب القضاء بالحقّ إلّا إلى داود ـ عليهالسلام ـ
__________________
(١). راجع : من لا يحضره الفقيه ١ : ٤٢١ ، الحديث : ١٢٤٠ ؛ الاحتجاج ٢ : ٤١٠ ؛ الأمالي للصدوق : ٤١٠ ، المجلس الرابع والستون ، الحديث : ٥.
(٢). آل عمران (٣) : ٧.
(٣). الكافي ٧ : ٤١٤ ، الحديث : ١.
(٤). غافر (٤٠) : ٢٠.
(٥). الأنبياء (٢١) : ١١٢.