ان الاسلام ليس مجموعة ارشادات ومواعظ. ولا مجموعة آداب واخلاق. ولا مجموعة شرائع واحكام. ولا مجموعة أوضاع وتقاليد. انه يشتمل على هذا كله. ولكن هذا كله ليس هو الاسلام.
انما الاسلام أساسه الاستسلام. الاستسلام لمشيئة الله وقدره ، والاستعداد ابتداء لطاعة أمره ونهيه. ولاتباع المنهج الذي يقرره دون التلفت الى أي توجيه اخر والى أي اتجاه. ودون اعتماد كذلك على سواه. وهو الشعور ابتداء بان البشر في هذه الارض خاضعون للناموس الالهي الواحد الذي يصرفهم ويصرف الارض. كما يصرف الكواكب والافلاك. ويدير أمر الوجود كله ما خفي منه وما ظهر. وما غاب وما حضر. ان الاسلام عقيدة تنبثق منها الشريعة.
ومن ثم كان التوجيه الاول في السورة التي تتولى تنظيم الحياة الاجتماعية. للمسلمين. بتشريعات وأوضاع جديدة. هو التوجيه الى تقوى الله. (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ).
انه قلب واحد فلا بد له من منهج واحد يسير عليه جميع الخلائق ، والانسان لا يمكنه ان يستمد شرائعه وقوانين من معين آخر. (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ).
انه قلب واحد. فلا بد له من منهج واحد يسير عليه. ولا بد له من تصور كلي واحد للحياة والوجود يستمد منه. ولا بد له من ميزان واحد يزن به القيم. ويقوم به الاحداث والاشياء. ولا بد له من حب واحد يسكن هذا القلب ويملؤه حتى لا يوجد به فراغ لواحد آخر ينضم اليه. وهو حب الواحد القهار الرازق المنان الرحيم الحنان. ذاك هو خالق الكون والانسان. والا لتمزق قلب الانسان. والا لتفرق ونافق والتوى ذلك الانسان ولم يستقم على اتجاه.