التكليف والاختبار في هذه الدار. واللذين خلقهما الله تعالى لدار الخلود والدوام (فريق في الجنة. وفريق في النار) والاختيار لهم مدة هذه الحياة وغدا الحساب.
وهذه ايضا معجزة بالغة لان طبيعة المياه ان تختلط اذا اتصلت. ولكن الخالق العظيم جعل بينهما برزخ. فلا يمتزجان مهما اتصلا ببعضهما. وكأن بينهما سدا مانعا من اختلاطهما انه لأمر عجيب.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) اللؤلؤ ـ في اصله ـ حيوان ولعل صيرورة هذا الحيوان لؤلؤا من أعجب العجائب. فهو يهبط الى الاعماق وهو داخل صدفة لتقيه من الاخطار. ويختلف هذا الحيوان عن الكائنات الحية. في تركيبه وطريقة معيشته. فله شبكة دقيقة كشبكة الصياد. عجيبة النسج. تكون كالمصفاة تسمح بدخول الماء. والهواء والغذاء الى جوفه. وتحت الشبكة افواه الحيوان. ولكل فم اربع شفاه فاذا دخلت ذرة من رمل او قطعة من حصى الى الصدفة. سارع الحيوان الى افراز مادة لزجة يغطيها بها ثم تتجمد فتصبح لؤلؤة. وعلى حسب حجم الذرة تكون الللؤلؤة. (١)
(وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) الجواري السفن وينسبها اليه تعالى لأنه قد هيى اسبابها. وهدى الانسان لصنعها ولو لا ذلك لكان اعجز من ان يقدر او يهتدي لذلك. (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) وعند هذا النص القرآني تخفت الانفاس. وتخشع الاصوات. وتسكن الجوارح. وظل الفناء يشمل كل حيّ. ويغمر افاق الكون. ولا يبقى الا الحي القيوم حيا لا يموت. والنص القرآني يسكب في الجوارح السكون الخاشع. والصمت المرهب. وسكون الموت المخيم بلا حركة
__________________
(١) عن كتاب الله والعلم الحديث ص ١٠٥.