ان الحق هو النقطة الثابتة التي يقف عليها من يؤمن بالحق. فلا تتزعزع قدماه. لان الارض ثابتة تحت قدميه. فهو على يقين من أمره. ويقين من صحة دينه. وصحة مسيره. ومن يفارق الحق يصبح كالواقف على امواج البحار تتقاذفه الاهواء ويملأ قلبه الخوف والقلق وتتأرجح مواقفه نحو اليمين والشمال. وهو لا يهتدي الى ركن يركن اليه وهنا الشقاء الاكبر.
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (١١))
البيان : ان هذه السماء صفحة من كتاب الكون. تنطق بالحق الذي فارقوه. (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ) بكمالها وجمالها واستقرارها وخلوها من النقص والخلل. (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ).
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) فالامتداد في الارض والرواسي الثابتات والبهجة في النبات. (تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) تبصرة تكشف الحجب. وتنير البصيرة. وتفتح القلوب وتصل الارواح بهذا الكون العجيب. وما وراءه من ابداع وحكمة وترتيب. تبصرة ينتفع بها كل عبد منيب. وله عقل سليم يقوده الى الخير والصلاح. والسعادة والارباح.
أن هذا الكون هو كتاب الحق المفتوح الذي يقرأ بكل لغة. ويدرك بكل وسيلة. ويستطيع كل مخلوق ان يستفيد منه بقدرة استعداده. وقوته وفهمه وعلمه. من أبسط ساذج الى أعلى فيلسوف وعبقري وكاتب