(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) فالرسول ص وآله شاهد على هذه البشرية التي ارسل اليها. يشهد انه بلغها ما أمر به وانها استقبلته بما استقبلته وهو المبشر لها بالخير والمغفرة. ومحذرها من سوء العاقبة والعذاب. (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) فهو الخاسر في كل جانب من جوانب الحياة. وما من بيعة بين الله وعبده الا والعبد فيها هو الرابح من فضل الله تعالى. (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) هكذا على اطلاقه (فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) لا يفصله فاصل.
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١١) بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤) سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥))
البيان : القرآن لا يكتفي بحكاية أقوال المخلّفين والردّ عليها. ولكنه يجعل من هذه المناسبة فرصة لعلاج امراض النفوس. وهواجس القلوب. وتمهيدا لعلاجها. فالمخلفون من الاعراب يعتذرون عن تخلفهم وليس هذا بعذر والوفاء بالواجب ولو كان مثل هذا يجوز ان يشغلهم ما نهض احد قط بواجب (واستغفر لنا) وهم ليسوا صادقين (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) هنا يرد عليهم بحقيقة العلم الكامل الذي يصرف الله قدره على وفقه.
(قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) وهو سؤال يوحي بالاستسلام