سبقته الرسل. وأمره كأمرهم وما كان بدعا من الرسل. انما هو بشر يعلم الله انه أهل للرسالة. فيوحى اليه. فيصدع بما يؤمر. هذا هو جوهر الرسالة وطبيعتها (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) فهو لا يمضي في رسالته لانه يعلم الغيب. انما هو يمضي وفق الاشارة وحسب التوجيه واثقا بربه مستسلما لارادته. منفذا لأمره. يضع خطاه حيث قاده الله. وهو لا يتطلع الى السر من وراء الستر (وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ)
انه لأدب الواصلين الواثقين. انه لطمأنينة العارفين. فلا يطلبون من ربهم برهانا. فبرهانهم في قلوبهم. ولا يطلبون لانفسهم خصوصية فخصوصيتهم انه اختارهم لتبليغ أوامره ونواهيه. وان يبشر المطيعين وينذر المنحرفين عن الحق المبين.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ) قد تكون هذه واقعة حال من بني اسرائيل عرف أن طبيعة هذا القرآن هي طبيعة الكتب السابقة. بل هي بنفسها تدل على صحة هذا القرآن وعلى صدق من أنزل عليه من ربه بكل وضوح.
وقد تكون اشارة الى واقعة اخرى في مكة نفسها. فقد آمن بعض أهل الكتاب على قلة في العهد المكي. وكان لايمانهم ـ وهم أهل الكتاب ـ قيمته وحجيته في وسط المشركين الاميين. ومن ثم نوه به القرآن في مواضع متعددة. وواجه به المشركين الذين كانوا يكذبون بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
ولقد سلك القرآن المجيد شتى الاساليب. ليواجه شكوك القلوب البشرية وانحرافاتها وآفاتها ويأخذ عليها المسالك. ويعالجها بكل اسلوب. وفي أساليب القرآن المتنوعة زاد للدعوة والدعاة الى هذا الدين. ومع اليقين الجازم بان هذا القرآن من عند الله فقد استخدم