ولقد عرفت البشرية كلمة التوحيد قبل ابراهيم (ع) ولكن هذه الكلمة لم تستقر في الارض الا من بعد ابراهيم (ع) التي قام بها حفيده محمد ص وآله كاملة شاملة. تجعل الحياة كلها تدور حول هذه الكلمة وتجعل لها اثرها الفعال مدى الاجيال.
(بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) وكأنه بهذا الاضراب يقول : لندع حديث ابراهيم (ع) فما لهم به صلة ولا مناسبة. ولننظر في شأن هؤلاء. الذين قد هيأت لهم المتاع ومددت لهم الاجل. حتى جاء الحق في القرآن المجيد. وجاءهم به رسول أمين. يعرض عليهم هذا الحق في وضوح وتبيين.
(وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ) ولا يختلط الحق بالسحر الباطل فهو واضح بين. وانما هي دعوى. كانوا هم أول من يعرف بطلانها. فما كان كبراء قريش ليغيب عنهم انه الحق. ولكنهم كانوا يخدعون البسطاء بأقوالهم الخداعة ودعاويهم المزيفة.
فيقولون : انه سحر. ويعلنون كفرهم به على سبيل التوكيد (وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ).
(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) يقصدون بالقريتين مكة والطائف. ولقد كان رسول الله ص وآله من ذؤابة قريش. ثم ذؤابة هاشم. وهم على علم من ذلك فمحمد ص وآله أعظم من كل عظيم ـ اذا كان المراد منه الفضل والشرف ـ ولكنهم لا يعرفون العظيم الا بالمال والجاه. ولان محمدا ص وآله يتيم. ولكنه أعظم العظماء. والله أعلم حيث يجعل رسالته. وقد اختار لها أشرف مخلوق في عالم الوجود.
(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) فيا عجبا وما هم ورحمة الله التي لا يضعها الا عند أهلها.