وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٤٤)
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥))
البيان : وانه وحي واحد. ورسالة واحدة. وعقيدة واحدة. ثم هي بعد ذلك وشيجة واحدة. وشجرة واحدة. وأسرة واحدة. وهدف في نهاية الامر واحد. وطريق وأصل ممدود.
انها حقيقة (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) ولكن أي آثار هائلة عميقة ينشئها استقرار هذه الحقيقة في نفوس المؤمنين. وهذا ما يصنعه هذا القرآن. وهو يقرر مثل هذه الحقيقة الضخمة ويزرعها في القلوب. ومما قيل للرسل قيل لمحمد ص وآله :
(إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) ذلك كي تستقيم نفس المؤمن وتتوازن. فيطمع في رحمة الله ومغفرته فلا ييأس منها ابدا. ويحذر عقاب الله ويخشاه فلا يغفل عنه ابدا. انه التوازن طابع الاسلام الاصيل. ثم يذكرهم بنعمة الله عليهم. ان هذا القرآن عربيا بلسانهم. كما يشير الى طريقتهم في العنت والالحاد والجدل والتحريف.
(وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا) : فهم لا يصغون اليه عربيا. وهم يخافون منه لانه عربي. يخاطب فطرة الانسان. بلسانهم العربي. فيقولون لا تسمعوا لهذا القرآن.
والحقيقة التي تخلص من وراء هذا الجدل. حول الشكل هي أن هذا الكتاب هدى للمؤمنين وشفاء لهم. فقلوب المؤمنين هي التي تدرك طبيعة هذا القرآن وحقيقته فتهتدي به وتشتفى به. فاما الذين لا يؤمنون. فقلوبهم مطموسة لا تخالطها نورانية هذا الكتاب. كالعين الرمداء التي يؤلمها الضياء. والعين الصحيحة التي تأنس وتنسرّ