الرسالات. (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) والبينات والحجج في صورها الكثيرة المتنوعة. ومنها الخوارق المعجزة التي كانوا يطلبونها من الرسول. أو هو يتحداهم بها ليبرهن على انه مرسل من قبل خالق الوجود. ولكنهم يكذبون بالجميع لانها تخالف ظلمهم وطغيانهم. هذا كان شأن أمم كثيرة في استقبال رسلهم وما معهم من دلائل الهدى. فالأمر اذن ليس جديدا. وليس فريدا. انما هو ماض مع سنة الأولين (ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ).
ولقد كان النكير شديدا. وكان الأخذ تدميرا. فليحذر الماضون على سنة الأولين. أن يصيبهم ما أصاب الأولين. انها لمسة قرآنية ينتهي بها هذا المقطع وتختم هذه الجولة.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠))
البيان : أنها لفتة كونية عجيبة من اللفتات الدالة على مصدر هذا الكتاب. لفتة تطوف في الارض كلها تتبع فيها الألوان والأصباغ في كل عواقبها. في الثمرات وفي الجبال وفي الناس. وفي الدواب. والانعام لفتة تجمع في كلمات قلائل. بين الأحياء وغير الاحياء في هذه الارض وتدع القلب مأخوذا بذلك العرض الآلهي الجميل الرائع الكبير الذي يشمل الارض جميعا.
وتبدأ بأنزال الماء من السماء. واخراج الثمرات المختلفات الالوان ولأن العرض معرض أصباغ. فانه لا يذكر هنا من الثمرات الا الوانها (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) والوان الثمر معرض بديع يعجز عن ابداع جانب منه