وأن تصور الأمر
على هذا النحو ليوقظ القلب الى تدبير هذا الكون بحسّ جديد واسلوب جديد وأن القلب
الذي يستشعر يد الخالق العظيم. بمثل هذه الدقة ليصعب أن ينحرف عن خط الله وحدوده
وهو اينما ذهب بسمعه وبصره يرى عجائب صنع الله وتدبيره. وهكذا يصنع القرآن في
القلوب الحية.
(وَما يَسْتَوِي
الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ..)
ان ارادة التنويع
في خلق الماء واضحة. ووراءها حكمة ظاهرة. فيما نراه ـ فاما الجانب العذب فنحن
نعرفه ونعرف جانبا من حكمة الله فيما نستخدمه وننتفع به. وهو قوام الحياة لكل حي.
واما الجانب المالح وهو البحار والمحيطات. يقول احد علماء العصر في بيان التقدير
العجيب في تصميم هذا الكون الضخم مما تعجز العقول عن احصائها.
وهذا بعض ما ندركه
من حكمة الخالق والتنويع واضح فيه القصد والتدبير. ومنظور فيه الى تناسقات.
وموازنات يقوم بعضها على بعض في حياة هذا الكون ونظامه. وكل ذلك من صنع الله عزوجل وتدبيره خالق هذا الكون وما فيه ومن فيه. فأن هذا التناسق
دليل قاطع على عظمة خالقه ومدبره. ومتقن صنعه وتنظيمه. ثم يلتقي البحران
المختلفان.
(وَمِنْ كُلٍّ
تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا ..) واللحم الطري هو الأسماك .. والحلية هي اللؤلؤ والمرجان.
وكل ذلك لا يوجد الا في البحار والانهار الكبيرة. واللؤلؤ يوجد في جوف الحيوانات
البحرية. والمرجان نبات حيواني يعيش ويكون شعابا مرجانية. تمتد في البحر احيانا
عدة أميال (لِتَبْتَغُوا مِنْ
فَضْلِهِ) بالسفر والتجارة. والأنتفاع باللحم الطري والحلي