عمله ليرى مواضع الخطأ والنقص فيه. لانه واثق من انه لا يخطىء. متاأكد انه دائما على صواب. معجب بكل ما يصدر منه. مفتون بكل ما يتعلق بذاته. لا يخطر على باله ان يراجع نفسه في شيء. ولا ان يحاسبها على أمر. وبطبيعة الحال لا يطيق ان يراجعه احد في عمل يعمله او في رأي يراه. لانه حسن في عين نفسه. مزين لنفسه وحسّه. فلا مجال فيه للنقد. ولا موضع فيه للنقصان. هذا هو الداء والبلاء الذي يصبه الشيطان على الانسان في اكثر الازمان. وهذا هو المقود الذي يقوده منه الى الضلال والبوار.
ان الذي يكتب الله له الهدى والخير يضع في قلبه الحساسية والحذر والتلفت والحساب. فلا يأمن مكر الله. ولا يأمن تقلب القلب. ولا يأمن الخطأ والزلل. فهو دائم التفتيش في عمله دائم الحساب لنفسه. دائم الحذر من الشيطان. دائم التطلع لعون الله عزوجل.
وهذا هو مفرق الطريق بين أهل الهدى. وأهل الضلال وحزب الرحمان. وحزب الشيطان. (فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) المراد به بالضلال الذي ينسبه الله تعالى اليه هو قدرته الكاملة المطلقة بحيث ان الذي يختار لنفسه الضلال والعصيان لم يخرج عن قدرة الله تعالى لمنعه من الضلال والعصيان لو أراد منعه. فنسبة الضلال هنا الى الله تعالى مجاز للتعبير عن قدرته التامة فالضلال ينسب الى الله مجازا والى العبد الذي اختار الضلال حقيقة لانه باختياره ضل والله تركه
وأما الهداية فتنسب الى الله تعالى حقيقة وتنسب الى العبد حقيقة. لان العبد عاجز عن معرفة اسباب الهداية. فبعون الله عرف الهداية وقدر على فعلها والوصول اليها. وباختياره اختارها وسعى اليها. فليس