الذي لم تكن البشرية كلها تعرف لها قانونا الا قانون الغاية والغلبة ولم يكن بين الممتعات المختلفة الا القدرة على الغزو او العجز عنه بلا انذار. ولا رعاية لعهد متى سنحت الفرصة.
ولكن الاسلام هو الاسلام منذ ذلك الزمان. ذلك انه منهج الله الذي يرقي البشرية. ويطورها حول محوره وداخل اطاره. ولا علاقة له بالزمان في اصوله ومبدئه. فليس الزمان هو الذي يرقيه ويطوره.
ومع المهلة التي يعطيها رسول الله ص وآله للمشركين فهو يزلزل قلوبهم بالحقيقة الواقعة ويوقظهم الى هذه الحقيقة. ليفتحوا عليها عيونهم. انهم بسياحتهم في الارض لن يعجزوا الله في الطلب. ولن يفلتوا منه بالهرب. ولن يفلتوا من مصير محتوم قدره وقرره الخالق القهار (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ .. وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) فيا لها من قوة قاهرة. تهدد ونجزم بان الغلبة لها بأمر محتوم وجزم قاطع وهل يقدر على هذا الا الخالق العظيم. (فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ. وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وهذا الترهيب وذلك الترغيب في آية البراءة يشيران الى طبيعة المنهج الاسلامي. انه منهج هداية قبل كل شيء. فهو يتيح للمشركين هذه المهلة لعلهم يتفكرون في اتباع الحق والهدى وترك الضلال والعناد لعلهم يهتدون. ويختارون الطريق الاقوم.
ثم هو يطمأن الصف المسلم ويذهب عنه بعض مخاوفه من عدوه القوي الكثير فيخبرهم بان قوة الله عزوجل اقوى واقدر. وجنوده اعز واكثر فكونوا في امان (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) فيجعل هذا الوفاء عبادة له وتقوى يحبها من أهلها. وهذه هي قاعدة الاخلاق في الاسلام دين السلام والامان. فالمسلم يتخلق بما يحبه