أما تلك الاصنام التي يتظاهرون انهم يعبدونها ، فما كان ذلك له وجود في قرارة أنفسهم.
ولقد صرح القرآن المجيد بذلك عما اعترفوا به فقالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى).
فهذا كان مبلغ تصور العوام منهم واما القادة والجبابرة لم يكن لهم أي علاقة بتلك الاصنام قط وانما كان لهم مصالح واغراض تتوقف على اظهار ذلك ليتوصلوا اليها من طريق ذلك فقط.
واكثر أهل عصرنا الحاضر يفعلون نفس ما فعله الاقدمون انما يظهر الكفر والالحاد لمصالح وغايات لهم خاصة يتوقف نيلها على ذلك واما في قرارة انفسهم فهم غير ذلك قطعا.
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٥))
البيان : ان العقل قد يدرك الحق ، ولكن القلب المطموس لا يستجيب حتى لو اسمعهم الله سماع ألفهم لتولوا عن الاستجابة ، والاستجابة هي السماع الصحيح ، وكم من ناس تفهم عقولهم ولكن قلوبهم مطموسة لا تستجيب : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ لِما يُحْيِيكُمْ)
ان رسول الله ص وآله يدعو الناس للحياة الانسانية الروحية الملكوتية ، التي هي لا غير تميز الانسان عن سائر الحيوانات والبهائم ، فكل من فقدت منه هذه الحياة الانسانية فهو يعيش عيشة البهائم وان كان أكبر عالم وفيلسوف وحاكم وسلطان.
انه يدعوهم الى عقيدة تحيي القلوب والعقول ، وتطلقها من أوهام