الله على العالمين في زمانها وأفاء عليهم من عطاياه ، فلم تشكر بنو اسرائيل النعمة ولا حفظوا العهد ولا صدقوا بالوعد.
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (١٧٢)
أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤))
البيان : انه مشهد كوني رائع باهر لا تعرف اللغة له نظيرا في تصوراتها المأثورة ، وانه لمشهد عجيب فريد حين يتملاه الخيال البشري من جهة طاقته ، وحينما يتصور تلك الخلايا التي لا تحصى ، وهي تجمع وتقبض ، وهي تخاطب خطاب العقلاء ـ بما ركب فيها من الخصائص المستكنة ، التي أودعها اياها الخالق المبدع ـ وهي تستجيب استجابة العقلاء ، فتعترف وتقر وتشهد ، ويؤخذ عليها الميثاق في الاصلاب.
وان الكيان البشري ليرتعش من أعماقه وهو يتجلى هذا المشهد الرائع الباهر الفريد وهو يتمثل الذر السابح وفي كل خلية حياة. وفي كل خلية استعداد كامن. وفي كل خلية كائن انساني مكتمل الصفات ينتظر الاذن له بالنماء والظهور في الصورة المكنونة له في ضمير الوجود المجهول. ويقطع على نفسه العهد والميثاق قبل ان يبرز الى حيز الوجود المعلوم.
لقد عرض القرآن المجيد في أعماق الفطرة الانسانية. قبل قرابة أربعة عشر قرنا من الزمان ، حيث لم يكن انسان يعلم طبيعة النشأة الانسانية ، وحقائقها.
واذا (العلم) يقرر ان الناسلات وهي خلايا الوراثة التي تحفظ سجل (الانسان) وتكمن فيها خصائص الأفراد وهم بعد في خلايا الأصلاب