الكفة ، وهو وحده الذي يعصم من فتنة العرض الادني. نعم انها التقوى التي لا يصلح قلب ولا تصلح حياة الا بها ولا تستقيم حياة الا بملاحظتها. والا فما الذي يعدل في النفس البشرية الرغبة في حياة خداعة. وما الذي يحجزها من الطمع ويكفها عن الغي ، وما الذي يهدأ فيها هياج الرغائب وسعار الشهوات وجنون المطامع ، وما الذي يطمئنها في صراع الحياة الدنيا على النصيب الذي لا يضيع بفوات الحياة الدنيا. وما الذي يثبتها في المعركة بين الحق والباطل وبين الخير والشر واعراض الارض تفرّ من بين يديها وتنأى ، والشر يتبجح والباطل يطغى.
لا شيء يثبتها على غير الاحداث وتقلبات الاحوال في هذا الخضم الهائج الا اليقين في الآخرة وانها خير للذين يتقون ويثبتون على الحق والخير في وجه الزعازع والاعاصير والفتن ، ويمضون في الطريق لا يتلفتون ، مطمئنين واثقين ملء قلوبهم اليقين الجازم والثابت. والتمسك بالكتاب في جد وقوة وصرامة واقامة الصلاة ، ومعنى ذلك تحكيم الكتاب في جميع الاحوال انه منهج متكامل يقيم الحكم على أساس الكتاب ، ويقيم القلب على أساس العبادة والتقوى.
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١))
البيان : انه ميثاق لا ينسى ، فقد أخذ في ظرف لا ينسى. أخذ وقد نتق الله الجبل فوقهم كأنه ظله ، وظنوا انه واقع عليهم ، وكانوا متقاعسين عن اعطاء الميثاق ، فأعطوه وهم في شدة هائلة ومعجزة خارقة ، وكان ينبغي ان تكون لهم اكبر عظة وزاجرة. وان لا يتخاذلوا بعد تلك الخارقة التي رأوها بابصارهم وتيقنوها ببصائرهم.
ولكن بني اسرائيل هم هم ديدنهم نقض العهود واخلاف المواعيد ، حتى استحقوا غضب الله ولعنته ، وحق عليهم القول ، بعد ما اختارهم