شاء أساء. فلا يلومن الا نفسه حين يحق عليه الجزاء ويناله العقاب والنكال.
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (١١) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢))
البيان : هكذا على وجه الاطلاق فيمن يهديهم ، وفيما يهديهم ، فيشمل الهدى أقواما وأجيالا بلا حدود من زمان أو مكان. ويشمل ما يهديهم اليه لكل منهج قويم وكل طريق مستقيم. وكل خير يهتدي اليه البشر حتى يفنى البشر والزمان.
يهدي للتي هي أقوم في عالم الضمير والشعور. بالعقيدة الواضحة البسيطة التي لا تعقيد فيها ولا غموض. والتي تطلق الروح من أثقال الوهم والخرافة. وتطلق الطاقات البشرية الصالحة للعمل والبناء. وتربط بين نواميس الكون الطبيعية ، ونواميس الفطرة البشرية ، في تناسق واتساق.
ويهدي للتي هي أقوم في عالم العبادة بالموازنة ـ بين التكاليف والطاقة ، فلا تشق التكاليف على النفس حتى تمل وتيأس من الوفاء. ولا تسهل وتترخص حتى تشيع في النفس الرخاوة والاستهتار ولا تتجاوز القصد والاعتدال وحدود الاحتمال.
ويهدي للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر الانسان وباطنه ، وبين مشاعره وسلوكه. وبين عقيدته وعمله. فاذا هي كلها مشدودة الى العروة الوثقى التي لا تنفصم. متطلعة الى أعلى مراتب الكمال الانساني. وهي مستقرة على الارض. واذا العمل عبادة متى توجه الانسان به الى ربه ولو كان هذا العمل متاعا واستمتاعا بالحياة.