هذه الرسالة. وقد تكون هذه الطاقة مجهولة للناس ، مجهولة حتى لصاحبها نفسه قبل أن يختصه لرسالته.
ولكن الله الذي نفخ في هذا الانسان من روحه ، عليم بما تنطوي عليه كل خلية منه وكل نية. وكل مخلوق قادر على أن يتصل بخالقه ويترقى معارج الكمال الانساني ويتذوق لذة في ذلك لا يدركها الا من ذاقها وأوتيها.
وحكمة الله واضحة في الايحاء الى رجل منهم. رجل يعرفهم ويعرفونه ، يطمئنون اليه ويأخذون منه ويعطونه ، بلا تكليف ولا عناء ، أما حكمته في ارسال الرسل فهي أوضح ، والانسان مهيأ بطبعه لان يكون خيرا ويختار الطاعة لخالقه وينال الكرامة عنده ، أو يختار العصيان ويستحق العذاب والنيران ، ولما كان دليله العقلي يحتاج الى ميزان مضبوط يعود اليه دائما كلما غم عليه الامر ، وأحاطت به الشبهات وجذبته التيارات والشهوات ، وأثرت فيه المؤثرات العارضة ، فهو في حاجة ماسّة الى ميزان مضبوط ثابت لا يقبل التغيير لانه من رب العالمين لذلك كانت حكمة الخالق ورأفته بعباده أن يرسل لهم ميزانا من عنده على يد بعض عباده المعصومين بواسطة بعض ملائكته المقربين وكان خاتمهم سيد المرسلين محمد ص وآله بواسطة سيد ملائكته جبريل (ع) وبذلك تمت الحجة ، وفاضت النعمة وكانت لله تعالى الحجة البالغة على خلقه بما انذرهم من عذابه ورغبهم الى ثوابه والعاقبة للمتقين.
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٤)