ان الحس المادي الغليظ هو وحده طريقهم الى المعرفة ... أم لعله التعنت والتعاجز فالآيات الكثيرة ، والنعم الالهية والعفو والمغفرة ، كلها لا تغير من طبائعهم شيئا لانه العناد الاثيم.
عن الامام (ع) : انهم السبعون الذين اختارهم موسى وصاروا معه الى الجبل فقالوا له انك رأيت الله فارناه كما رأيته ، فقال لهم اني لم أره فقالوا له : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة وتمام القصة يأتي ان شاء الله تعالى في سورة الاعراف ، وهكذا كانت بنو اسرائيل.
ومن ثم يأخذ الله جزاء ذلك التجديف والعناد ، وهم على الجبل في مقام معلوم.
(فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) لان المخاطبين على يقين مما أصاب الماضين ، وقد سأل موسى (ع) ربه بلسان قومه وحاشاه أن يكون يعتقد ذلك. ومرة اخرى تدركهم رحمة الله ، وتوهب لهم فرصة الحياة ، عسى أن يذكروا ويذعنوا ويذكرهم هنا مواجهة هذه النعمة : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ولكن هيهات.
وتذكر الروايات ان الله ساق لهم الغمام يظللهم من الهاجرة والصحراء. وأنزل عليهم (الْمَنَّ) يجدونه على الاشجار حلوا كالعسل. وسخر لهم (السَّلْوى) وهو طائر السماني يجدونه بوفرة قريب المنال ، وبهذا توافر لهم الطعام الجيد في المقام المريح وأحلت لهم هذه الطيبات ولكن أتراهم شكروا واهتدوا. كلا : فانهم طغوا وظلموا وجحدوا وأنكروا لاتباعهم الهوى.
ويمضي السياق في مواجهتهم بما كان منهم من انحراف ومعصية وجحود فيقول عزوجل :
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)