المؤمنين الذين يتلقون قيمهم وموازينهم وتصوراتهم من يد الله تعالى وميزانه العدل المستقيم ، فيرفعهم هذا التلقي من حضيض الحيوانات الى الملأ الاعلى الى منازل الملائكة المقربين والانبياء والمرسلين (ع). وسيظل المؤمنون ينظرون من عل اؤلئك الهابطين ، مهما أوتوا من المتاع والاعراض التافهة.
(كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣))
البيان : ثم بين سبحانه أحوال من تقدم من الكفر في كل فترة بين النبي والنبي الآخر فان الناس ينحرفون بعد موت نبيهم ويزداد انحرافهم حتى لا يبقى لديهم من الكتاب واحكام الدين الا الرسم والاسم ، فيرسل الله لهم رسولا فمنهم من يؤمن به ويصدقه ومنهم من يكذبه ويحاربه ، ومنهم من يتبعه لأجل الدنيا فبمجرد ما يموت يظهر ما أضمره من النفاق ويصبح يطلب الدنيا باسم الدين. وهناك يقع الضلال بين من ينظر الى ما يظهر من الايمان وبين من ينظر الى الافعال والاعمال التي هي تحطم الدين والايمان وهنا ايضا يقع الاختلاف بين اتباع كل نبي بعد موته كما جرى بالفعل بين اتباع موسى (ع) حيث انحرف اليهود عن خط موسى (ع) ولم يبق لديهم من دين الله واحكامه الا الرسم والاسم. وكذلك الحال جرى بين اتباع عيسى بن مريم (ع) تماما. وكذلك الامر جرى بعد موت محمد ص وآله فان الناس انقلبوا على أعقابهم وعبدوا العجل واتبعوا السامري ، وهارون يناديهم ـ يعني علي بن ابي طالب (ع) يوم السقيفة ـ يا قوم اثبتوا على الحق ولا تتبعوا الهوى.