وانما يذكرهم بها في صورة مشهد ليتأثروا بهذا التصور وكأنهم هم الذين كانوا ينظرون الى غرق البحر ونجاة بني اسرائيل بقيادة موسى (ع). وهذا من أبرز خصائص التعبير القرآني البليغ.
ثم يمضي السباق قدما مع رحلة بني اسرائيل بعد خروجهم من مصر ناجين من استعباد فرعون.
(وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤))
وقصة اتخاذ بني اسرائيل للعجل وعبادته في غيبة موسى (ع) عندما ذهب الى ميقات ربه على الجبل مفصلة في سورة (طه). وهنا فقط يذكرهم بها وهي معروفة لديهم ، يذكرهم بانحدارهم الى عبادة العجل بمجرد غيبة نبيهم الذي انقذهم باسم الله ، من آل فرعون.
ويصف حقيقة موقفهم ، ومن أظلم ممن يترك عبادة الخالق العظيم ويعبد حيوانا خسيسا ومع هذا فقد عفا الله عنهم ـ حينما أنابوا وتابوا ـ عسى أن يستهدوا الى سواء السبيل. وكانت توبتهم أن يقتل بعضهم بعضا ، وانه لتكليف مرهق شاق بقدر الجريمة التي ارتكبوها وكان ذلك ليلا فلا يعرف بعضهم بعضا حتى طلع النهار فأمرهم بالامساك وتاب عليهم.
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧))