فاما مشيئة الله فهي غيب لا وسيلة لهم اليه (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا) هذا هو فصل القول في هذه القضية : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) يعني لو شاء بالمشيئة التكونية الاجبارية ، ولكن أراد الله من العباد ان يختاروا هم الهدى حتى ـ يستحقوا الثواب على ما اختاروا لانفسهم باختيارهم وبدون اجبار من أحد. كما أنه من ترك اختيار الهدى حتى يستحق العقوبة على ما فعله من الضلال والعصيان باختياره بدون اجبار احد : (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا) ، انها مواجهة هائلة وتحدي لاذع ان هذا الدين يسوي بين الشرك الواضح باتخاذ الهة غير الله ، وبين الشرك الخفي الذي هو مطلق العصيان والانحراف عن جادة الطريق ومنهج الله المستقيم (وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ).
(قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١) وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١٥٢) وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣))
البيان : ننظر في هذه الوصايا التي وردت في السياق بمناسبة ما ورد سابقا عن تشريعات الانعام والثمار ، وأوهام الجاهلية ، فاذا هي قوام هذا الدين كله ، انها قوام حياة الضمير بالتوحيد وقوام حياة الاسرة بأجيالها المتتابعة ، وقوام حياة المجتمع بالتكافل والطهارة ، فيما يجري فيه من معاملات. وقوام حياة الانسانية ، وما يحوط الحقوق فيها من