اسرائيل ـ وهو يعقوب جدهم ـ هو الذي حرم هذا على نفسه ، وانما حرم عليهم بعده لبغيهم فجازاهم الله بهذا الحرمان من بعض الطيبات.
(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (١٤٨)
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩) قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠))
البيان : وقضية الجبر والتفويض كثر فيها الجدل في تاريخ الفكر الاسلامي بين الاشعرية والمعتزلة ، وتدخلت الفلسفة الاغريقية واللاهوت المسيحي في هذا الجدل ولكن جاء أهل بيت النبوة علي وأبناؤه المعصومون فقالوا كلمة الفصل بين انحرافين :
فقالوا : (لا جبر ولا تفويض بل أمر بين امرين) يعني ان الخير باختيار العبد ومعونة الله وهدايته له. وان الشر باختيار العبد فقط لكن لا يخرج عن قدر الله. لو أراد منعه وردعه لفعل لانه على كل شيء قدير ، وانما يجري الامور وفقا لحكمته تعالى.
والمشركون الذين يقولون لو شاء الله ما أشركنا لقد كذبوا وافتروا على الله تعالى فالله لا يرضى لعباده الكفر والشرك والعصيان ، وانما قد تدعو الحكمة الالهية ترك العبد واختياره عند ما يختار لنفسه الشرك أو الكفر أو العصيان حتى يأتي يوم العقاب والجزاء :
(كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) ، وهذه هي الهزة التي قد تحرك المشاعر وتوقظ من الغفلة وتوجه الى العبرة.
واللمسة الثانية كانت بتصحيح منهج الفكر والنظر ، ان الله أمرهم بأوامر ونهاهم عن محظورات وهذا ما يملكون أن يعلموه علما مستيقنا.