البيان : هذا سؤال للتقرير والتسجيل فالله عزوجل يعلم ما كان من أمرهم في الحياة الدنيا. والجواب يكون اقرارا منهم على أنفسهم ، والخطاب موجه الى الجن والانس من الشياطين ولا بد أن يكون قد أرسل الله عزوجل الى الجن رسلا كما أرسل الى الانس لاتمام الحجة لله ويمكن أن يكون كل نبي هو مرسل للانس والجن معا ولذا يشترط في النبي أن يفهم جميع اللغات ، وسيدنا محمد كان رسولا للانس والجن معا كما يشير القرآن الى ذلك والاخبار تشهد كذلك.
ان القرآن يتلى على الناس في هذه الدنيا الحاضرة ، وفي هذه الارض المعهودة ، ولكنه يعرض مشهد الآخرة كأنه حاضر معنا أو حاضرين فيه (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ) لقد اقتضت الحكمة الالهية والرأفة الربانية ان لا يواخذهم على كفرهم وشركهم واجرامهم الا بعد ارسال الرسل اليهم وقيام الحجة عليهم ، وبعد انذار واعذار وتبشير ووعيد ، وهذه حقيقة كما أنها تصور لرحمة الله عزوجل بهذا الخلق ، كذلك تصور قيمة العدالة منه ، والمدارك البشرية من فطر وعقل وضمير ووجدان (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) فللمؤمنون درجات فوق درجات في العلو والارتفاع الانساني وللشياطين من الانس والجن درجات في التسافل والانحطاط الحيواني والاعمال كلها مرصودة.
(وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (١٣٣) إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (١٣٤)
قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (١٣٥) وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (١٣٦))