الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨) وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩))
البيان : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) ، ان المشهد يبدأ معروضا في المستقبل ، يوم يحشرهم ولكنه يستحيل واقعا للسامع ان يتراءى له مواجهة ، وذلك بحذف لفظة فتقديره فيقول (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) ، استكثرتم من التابعين لكم من الانس المستمعين لا يحائكم المطيعين لوسوستكم المتبعين لخطواتكم ، وهو اخبار يقصد به تسجيل الجريمة والتأنيب.
(وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ : رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) وهو جواب الكشف عن طبيعة الغفلة في هؤلاء الاتباع ، كما يكشف عن مدخل الشيطان الى نفوسهم في دار الخداع. فالنار مثواهم ومأواهم ، (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً) بمثل هذا الذي قام بين الجن الابالسة وأبالسة الانس (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً).
وهو تقرير عام أبعد مدى من حدود المناسبة التي كانت حاضرة ، وهم الذين يشركون بالله ويتجمع بعضهم الى بعض في مواجهة الحق والهدى ، ونحن نراهم في كل زمان كتلة واحدة يساند بعضهم بعضا ، واننا لنشاهد في هذه الفترة تجمعا ضخما لشياطين الانس من الصليبيين والصهيونيين ، والوثنيين ، والشيوعيين ، على اختلاف عقائدهم قد تجمعوا لمواجهة الاسلام لانه الدين الوحيد الذي يكافح الظلم والباطل من حيث أنه ظلم باطل فقط لا غير.
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (١٣٠) ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ (١٣١) وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٣٢))