من الله على عباده ، لانها لو تغيرت لفقدت حجيتها وأصبحت كالرسالات التي تقدمتها حيث لا حجية (كالانجيل والتوراة والزبور) ولو لا ان القرآن المجيد أخبر عنهم وعن أنبيائهم الذين أنزلت عليهم لما اعترفنا لا بتوراة ولا بانجيل. ولا بموسى ولا بعيسى ولا بنبي من الانبياء مطلقا لان الحجة الملزمة هي التي تكون أدلتها العقلية معها دائما وأبدا ، والا قول القائلين لا يسمن ولا يغني من جوع.
(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧))
البيان : من يقدر على هداية نفسه فضلا عن غيره بدون معونة الله تعالى وقدرته. ان تصور الحقيقة التي يقررها هذا النص وأمثاله في القرآن المجيد من النصوص التي تتعلق بالتعامل والارتباط بين مشيئة الله سبحانه واتجاهات البشر وما يصيبهم من الهدى والضلال ، وما ينالهم بعد ذلك من جزاء وثواب وعقاب ، ان هذا كله يحتاج الى استخدام منطقة أخرى من مناطق الادراك البشري وراء منطقة المنطق الذهني.
فاذا قيل ان ارادة الله تدفع الانسان دفعا الى الهدى او الضلال ، لم تكن هذه هي الحقيقة. واذا قيل : ان ارادة الانسان هي التي تقرر مصيره كله ، لم تكن هذه هي الحقيقة كذلك وانما الحقيقة الفعلية تتألف من نسب دقيقة ، بين طلاقة المشيئة الالهية ، وبين اختيار العبد واتجاهه الارادي بلا معارض بين هذه وتلك ولا تصادم فالخير يشترك الله والعبد فيه ، والشر يختص بالعبد نفسه ، مع قدرة الله لو اراد منعه بالارادة التكوينية.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا