تزيينا للكفر والظلمة والموت وبنفس الطريقة ولنفس الاسباب ، وعلى هذه القاعدة جعل الله في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها ، ليتم الابتلاء ، وينال كل جزاءه في نهاية المطاف (وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ)
وهنا يكشف السياق القرآني عن طبيعة الكبر في نفوس أعداء رسل الله ودينه. وهو الكبر الذي يمنعهم من الاسلام ، خيفة أن يرجعوا عبادا لله كسائر العباد فهم يطلبون امتيازا ذاتيا يحفظ لهم خصوصيتهم بين الاتباع ، ويكبر عليهم أن يؤمنوا للنبي فيسلموا له وقد تعودوا ان يكونوا في مقام الربوبية للاتباع ، وان يشرعوا لهم فيقبلوا منهم التشريع. وان يأمروهم فيجدوا منهم الطاعة والخضوع كذلك قالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ).
(وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤) فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥))
البيان : ويرد الله على قولتهم المنكرة ، فيقرر بان امر اختيار الرسل للرسالة موكول الى علم الله المحيط بمن يليق بهذا الامر الكوني الخطير ، ويرد عليهم ثانيا بالتهديد والتحقير وسوء المصير : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)
وقد جعلها سبحانه حيث علم واختار لها أكرم خلقه وأخلصهم ، حتى انتهت الى خير خلقه محمد ص وآله ، وكذلك شأن اختيار الوصي بعد النبي ، لان الوصي مكمل مهمة النبي ومبين ما جاء به من عند ربه وحافظ شريعته من الزيادة والنقصان خصوصا اذا كانت خاتمة الرسالات ويجب استمرارها كما هي الى آخر الدهر بدون أدنى تغيير لتبقى حجة