استأثر الله تعالى بعلمه وحكمته فلا جدوى للبشر في معرفة كنهها. وقد يكون قد اختص بمعرفتها ولاة امره وحججه على خلقه محمد واهل بيته (ع) الذين هم خزان علمه.
وليس من مستلزمات خلافتنا في أرض الله تعالى ان نطلع على هذا الغيب بقدر ما سخر الله لهذا الانسان من النواميس الكونية. وعرفه باسرارها. وبقدر ما حجب عنه اسرار الغيب فيما لا جدوى له في معرفته.
وما يزال الانسان مثلا على الرغم من كل ما فتح له من الاسرار الكونية يجهل ما وراء اللحظة الحاضرة من حياته. ولا يملك بأي اداة من ادوات المعرفة المتاحة له ان يعرف ماذا سيحدث له بعد لحظة. وهل النفس الذي خرج من فمه عائد اليه ام هو آخر انفاسه. وهذا مثل من الغيب المحجوب عن البشر لأنه يدخل في مقتضيات الخلافة. بل ربما كان معوقا لو كشف للانسان عنه. وهنالك الوان من مثل هذه الاسرار المحجوبة عن الانسان في طي الغيب الذي لا يعلمه الا الله.
ومن ثم لم يعد للعقل البشري ان يخوض فيه. لانه لا يملك الوسيلة للوصول الى شيء من أمره. وكل جهد يبذل في هذه المحاولة هو جهد ضائع وذاهب سدى. بلا ثمرة ولا جدوى. واذا كان العقل البشري لم يوهب الوسيلة للاطلاع على هذا الغيب المحجوب. فليس سبيله اذن ان يتبجح فينكر ما حجب عنه بدون دليل ولا برهان الا لمجرد عجزه عن الاهتداء اليه. فالانكار حكم يحتاج الى المعرفة واثباته بالادلة الصحيحة. والمفروض ان المعرفة هنا ليست من سنخ طبيعة العقل. وليست في طوق وسائله. ولا هي ضرورية له في وظيفته.
ان الاستسلام للوهم والخرافة شديد الضرر وبالغ الخطورة. ولكن أضر منه وأخطر التنكر للمجهول كله وانكاره واستبعاد الغيب