لقد انتقلت المعركة الخالدة الى ميدانها الاصيل ، وانطلقت من عقالها ما تهدأ لحظة وما تفتر. وعرف الانسان في فجر البشرية كيف ينتصر اذا شاء الانتصار. وكيف ينتكس ويخسر اذا اختار لنفسه النكسة والخسران.
ـ وبعد فلا بد من عودة الى مطلع القصة. قصة البشرية الاولى. لقوله تعالى (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) اذن فآدم مخلوق لهذه الارض منذ اللحظة الاولى ففيم اذن كانت تلك الشجرة المحرمة. وفيم اذن كان بلاء آدم. وفيم اذن كان هبوطه الى الارض. وهو مخلوق لهذه الارض منذ اللحظة الاولى.
لعل هذه التجربة ان تكون تربية لهذا الخليفة واعدادا وايقاظا للقوى المذخورة في كيانه. وتدريبا له على تلقي الغواية. وتذوق العافية بعد البلاء. وتجرع الندامة بعد الخطيئة. ومعرفة العدو من الصديق. والالتجاء بعد ذلك الى الملاذ الامين.
ان قصة الشجرة المحرمة. ووسوسة الشيطان باللذة ونسيان العهد بالمعصية والصحوة من بعد الغفلة. والندم وطلب المغفرة. كلها تجربة للبشرية المتجددة المكرورة.
لقد اقتضت رحمة الله بهذا المخلوق ان يهبط الى مقر خلافته مزودا بهذه التجربة التي سيتعرض لمثلها كثيرا. واستعدادا للمعركة الدائبة. وموعظة وتحذيرا لقوم يعقلون وبعد هذا فلا بد ما يفرض السؤال : فأين كان هذا الميدان. وما هي الجنة التي عاش فيها آدم وزوجته حينا من الزمن. ومن هم الملائكة. ومن هو ابليس. وكيف قال عزوجل لهم. وكيف اجابوه. ولا بد من الجواب على جميع ذلك بما يلي :
ان هذا وامثاله في القرآن قد يكون من الامور الغيبية. التي