لمجرد عدم القدرة على الاحاطة به ... انها تكون نكسة الى عالم الحيوان الذي يعيش في المحسوس وحده. ولا ينفذ من أسواره الى الوجود الطليق.
فلندع هذا الغيب اذن لصاحبه وأهله. وحسبنا ما يقص لنا عنه بالقدر الذي يصلح لنا في حياتنا ويصلح سرائرنا ومعاشنا. ولنأخذ من القصة ما تشير اليه من حقائق كونية وانسانية. ومن تصور للوجود وارتباطه. ومن ايحاء طبيعة الانسان وقيمه وموازينه. فذلك وحده انفع للبشرية واهدى.
ان ابرز ايحاءات قصة آدم (ع) ـ كما وردت في هذا الموضع. هو القيمة الكبرى التي يعطيها التصور الاسلامي للانسان ولدوره في الارض. ولمكانه في نظام الوجود. وللقيم التي يوزن بها. ثم لحقيقة ارتباطه بعهد الله عزوجل. وحقيقة هذا العهد الذي قامت خلافته على اساسه.
وتتبدى تلك القيمة الكبرى التي يعطيها التصور الاسلامي للانسان في الاعلان العلوي الجليل في الملأ الأعلى الكريم. انه مخلوق ليكون خليفة في الارض كما تتبدى في أمر الملائكة بالسجود له. وفي طرد ابليس الذي استكبر وابى الاذعان لأمر خالقه فلعن وطرد.
ومن هذه النظرة للانسان تنبثق جملة اعتبارات ذات قيمة كبيرة في عالم التصور وفي عالم الواقع على السواء.
ـ وأول اعتبار من هذه الاعتبارات. هو ان الانسان سيد هذه الارض. ومن أجله خلق كل شيء فيها ـ كما تقدم ذلك نصا ـ فهو اذن أعز واكرم وأغلى من كل شيء مادي. ومن كل قيمة مادية في هذه الارض جميعا. ولا يجوز اذن ان يستبعد او يستذل لقاء توفير قيمة مادية او شيء مادي. ولا يجوز ان يعتدي على اي مقوم من مقومات انسانيته الكريمة. ولا ان تهدر اية قيمة له لقاء تحقيق اي