هذا القدر الذي يجريه الله عزوجل في كل مرة فيهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور. عجيب هذا الحفاظ المتوازن الدائم بغير اختلال (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ، فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
فالايمان هو الذي يفتح القلب ، وينير البصيرة ، وينبه أجهزة الاستقبال في الفطرة ، ويصل الكائن الانساني بالوجود ، ويدعو الوجدان الى الايمان بالله خالق الجميع. والا فان هناك قلوبا مغلقة وبصائر مطموسة وفطرا منكوسة تمر بها آيات الابداع فلا تحس بها مهما كثرت وعظمت (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) وانما يدرك هذه الآيات المؤمنون.
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١) ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢) لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣))
البيان : قد كان بعض مشركي العرب يعبدون الجن ، وهم لا يعرفون من هم الجن ولكنها أوهام الوثنية ، والنفس متى انحرفت عن جادة التوحيد قيد شبر انساقت في الانحراف الى ما لا يدرك أمده ومداه. (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ).
وكما واجههم السياق القرآني بحقيقة ان الله (خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ليرتب عليها نتائجها ، تهافتت تصوراتهم بان لله بنين وبنات ، وان له شركاء وانه هو خلقهم. ولتقرير ان الذي يعبد ويخضع له ويطاع ويعترف له بالدينونة وحده هو خالق كل شيء فلا اله غيره ، ولا رب